بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 يونيو 2011

قالوا عن عرض " بيت الدمية "



     
فى الإسكندرية
نورا بين " واقعية " إبسن و " رومانسية " ياقوت !

           أكثر من معنى وراء إحتفال المسرحيين بعرض ( بيت الدمية ) فى الإسكندرية .. " الإرادة " أحد المعانى ... ذلك الصبر و الإيمان العميق بالمسرح يقدمه المخرج جمال ياقوت الطالع من حريق بنى سويف ... آثار النار لا تزال على جسده ، و احتراق زملائة وأصدقائة أمامه .. صورة لا تفارقه .. هكذا يهدى تجربته المسرحية الصعبة إلى روح شهداء المسرح من فنانى الإسكندرية مؤمن عبده ،ياسر ياسين و سامية جمال .
و الإحتفال بمئوية إبسن معنى آخر ( 1828 – 1906 ) تشارك فيه الإسكندرية بعرض ( بيت الدمية ) من إنتاج  قصر التذوق بسيدى جابر .. مثلما تشارك فرق مسرحية أخرى إحتفالاً بذلك النرويجى الثائر ... ترك مطرقته فوق قبره لتدق على رأس العالم و لتذكر كل المسرحييين بتلك الثورة التى أحدثها و هزت أوروبا كملها .. هدمت الرومانسية ووضعت أسس الدراما الواقعية .
          (بيت الدمية ) هى أول مأساة حديثة كما أسماها إبسن نفسه ، و هى النص الأشهر فى مسرحيات إبسن الـ 22، ليس بسبب براعة الصنعة والحرفية مستفيداً منها و مطوراً الشكل السائد فى عصره " للمسرحيات جيدة الصنع " و لكن بسبب طاقة الحرية التى فجرتها "نورا" بطلة بيت الدمية دفاعاً عن إستقلالها و مساواتها بالرجل .. فخروج نورا من بيت زوجها و من شخصيتها الدمية .. ذلك التمرد على التقاليد بعقلية (1879) هز أوروبا كملها ..
      (بيت الدمية) ربما لم تعد قضية أوروبية حالية ، أو هى قضية مستهلكة منتهية الصلاحية بالنظر إلى الحركات النسوية وما حققته فى سبيل إستقلال المرأة .. لكن (نورا) المصرية كيف يمكن أن تطل علينا ..ما الذى يشغلها و ما الذى تسعى فى سبيل الحصول عليه ؟ و ما قضيتها ؟ و ما أشكال خروجها و تمردها ؟ أسئلة على الأغلب لم تشغل المخرج جمال ياقوت فى ( بيت الدمية ) ... منذ البداية حسم ( قضية المرأة) خارج رؤيته مشغولاً بجوهر الإنسان بفضح الزيف و بحث الإنسان عن حقيقته....  أسئلة جمال ياقوت (وجودية) أكثر منها واقعية ...و ربما ساهم الإعداد الذى قام به لنص ابسن واختصار المنولوجات الطويلة والمناقشات التى تدفع نورا إلى ذلك الخروج المدوى .. هذه الإختصارات و حذف بعض الشخصيات منحت العرض إيقاعاً أكثر رشاقة و أكدت شاعرية الرؤية و حساسية الأداء خاصة أداء إيمان إمام  (نورا) و لكنه أخذ – مؤكد – من مساحة الوعى ... و كعادته يبدأ جمال من سينوغرافيا العرض مستعيناً برؤية الدكتور صبحى السيد و الذى يشكل مع المخرج ثنائياً فنياً مسرحياً منسجماً و متفاهماً ، قدما معا من قبل مسرحيات (مس جوليا ، البوتقة ، د. زعتر ) .. داخل بيت أنيق و هادئ تستطيع عبر الجدران الزجاجية .. رؤية البيوت الأخرى المجاورة و كأنها ترديد لنفس البيت ( بيت الدمية)المكشوف أمامهم و أمامنا ... ولا يخلو الزجاج من دلالة الهشاشة و سهولة الإنكسار ، مشيراً  إلى البيت المشرف على التحطيم ... جماليات الديكور والإضاءة لصبحى السيد هى جزء من شاعرية الرؤية و نعومة الأداء الذى صاغ به المخرج رؤيته للعرض فى رحلة بحثه عن الباطن و الغوص فى أعماق النفس .. هكذا يكسر كل التأويلات النمطية ( لبيت الدمية ) و يكسر كل الأكلاشيهات الشهيرة مدافعاً عن نعومة عرضه ... فنورا تخرج من بيت الزوجية فى حسم وفى هدوء .. و هى هنا لا تصفق الباب وراءها،  انها تتركه مفتوحاً .. فهى تكسر الكلاشيه من جانب ولا تريد أن تهز طوابير النساء وراءها ، فالمخرج جمال ياقوت ليس مشغولا بخصوصية النص المتمرد ولا مشغولا بقضية المرأة و بحثها عن إستقلاليتها ..مكتفياً بالعذوبة و الرؤى الشاعرية و كأنه يعود بإبسن إلى رومانسية خرج عليها و حطمها تحطيماً
                                              
                                                                       عبلة الروينى
                                                                  جريدة الأخبار  5/7/2006
                             *****************

            وقائع السفر لمشاهدة العرض المسرحي بيت الدمية
1- السفر
لم أكن قد قرأت نص هنريك إبسن بيت الدمية من قبل وبحثت بحثاً مضنياً عن النص خلال يومين قبل السفر ولم أفلح في العثور عليه ، وعندما وصلت لإدارة المسرح بمنف وجدت مجموعة ليست قليلة مستعدة للسفر لمشاهدة العرض ، تأخر الباص في التحرك وكانت فرصة للحديث مع بعض الأصدقاء ممن لم أرهم منذ زمن طويل منهم الدكتور سيد خطاب الصديق العزيز و الأستاذ عبد الغني داود والأستاذ محمد زهدي الذي لا يتوقف عن إلقاء تعليقاته الساخرة وحكاياته التي يبرع كثيراً في سردها بطريقة راو شعبي متمكن ، بداية مبشرة جداً ( كنت حاطط إيدي على قلبي طول الوقت ) هاني فضل الصديق العزيز ومريد المسرح ـ الذي خرجت بصداقتة من خلال متابعة مهرجان شبرا وبحكم عمله في كتب عربية دوت كوم ـ يتحدث عن أجندة ثقافية لكل الأحداث الثقافية في مصر ويرينا العدد الأول منها ، وقرابة الساعتين قبل تحرك السيارة حوارات ومواضيع من هنا وهناك وحالة اليوم بالنسبة لي مهرجاناً آخر للإحتفاء بعرض مسرحي للصديق العزيز جمال ياقوت ، على الرغم من غصة في القلب بسبب مشاكل المسارح التي نبحث عنها لنقدم عروض فرق الثقافة الجماهيرية ، ركبنا السيارة وسط أمل أن يسمح لنا السائق بالتدخين واعتمدنا على أن تقود المسيرة د/ نهاد صليحة التي فضلت النوم على خوض معركة كلامية حول التدخين ليحبط الصديق عبد الناصر ويتحدث حول كيفية تمضية الطريق بلا تدخين ولكن انصعنا جمعينا لتعليمات السائق ونسينا الموضوع برمته ، محمود حامد ينزوي في آخر السيارة مستمتعا بسماع الأغاني وحيداً ، الأستاذ محمد زهدي والدكتور سيد خطاب والأستاذ عبد الغني داود والدكتور حسن عطية ومناوشات كلامية في مواضيع متفرقة ، تقتحمنا وترغمني على الإنصات والضحك على قفشات الأستاذ محمد زهدي الذي لا يشق له غبار ، الأستاذ محمد الروبي يجلس في الكرسي الأمامي في استرخاء مبتسماً أحياناً ومعلقا إذا استفزه موضوع ما ، وهكذا مضى الطريق حتى وصلنا إلى الرست وبدأت تعليقات حول " السني ستار" والأسماء المتناقضة للمحال المصرية والتي تحمل صبغة دينية بدون أي وعي فيما تحمله تلك المسميات من تناقض غريب ومثير للضحك والأسى في أغلب الأحيان ، مثل " الحمد للفولكس "!! ، المهم نزلنا للرست وقلبي يدق بشدة شاي في أكواب بلاستيك ؟!!، مالوش طعم خالص ، عدنا للسيارة ومازال الطريق الطويل يعلن عن منتصف المسافة فقط ، وجمال ياقوت هارينا اتصالات انتوا فين ؟ هتوصلوا إمتى ؟ طب تحبوا تتغدوا ولا تتعشوا ؟ طب مين يحب يبات ؟ ، وإهتمام براحة كل من يأتي إلى الأسكندرية لمشاهدة العرض ( كل ده بيحصل وأحط إيدي على قلبي زيادة خوفاً من مشاهدة العرض )، ويمضي الطريق بطيئاً ، ونسأل الخبير أستاذ محمد زهدي عن موعد الوصول وعن البلاد التي نمر بها ، وحوار عن بعض الأماكن بالأسكندرية والتي كانت قديماً أفضل أماكن الإصطياف وتحولت مع الوقت لأماكن لا يمكن الجلوس بها أثناء الصيف ، وحديث آخر حول أن من يذهب لتلك الأماكن اللي معاهم ملايين ( والقصد هنا الأقل مقدرة ) !! ، أمال الأماكن التانية بيروحها مين يا جماعة ؟ ، دي للي معديين قوي _ الحمد لله الواحد بييجي إسكندرية ف الشتا عشان الأصدقاء والبحر اللي بجد ، حوار لا ينتهي قتلآ للمسافة
2- الوصول
الوصول لقصر التذوق ويتم استقبالنا بكل ترحاب ، والشاعرة فرات عبد الله تقدم لنا بعضاً من أعمالها هدية في مظروف كبير ، ولا يتوقف الممثل السكندري الجميل وصال عن تصويرنا ، فقلت للأستاذ محمد زهدي وعبد الناصر خلوا بالكوا بيصوروكوا مع المظاريف  وماحدش عارف ان فيها كتب ، فيضحك الجميع ، ثم نستعد لمشاهدة العرض ، فاضل تلت ساعات ع الأقل فالعرض في العاشرة والنصف وكنا في السابعة تقريباً ، ثم غداء في مطعم فيش ماركت ، وكل ماجال بذهني وقتها وقلته للأستاذ محمد زهدي تعرف إن المطعم ده كان د/ صالح بيحب ياكل فيه دايماً ، فنظر للبحر برهة ، واحترمت صمته وحزنه ، ثم تناولنا الطعام وهرولنا إلى المسرح وكان لازال لدينا ساعتين على الأقل ، قابلت إبراهيم الفرن الصديق العزيز جداً ودينامو الأنفوشي كما يطلقون عليه هناك ، واحشني جداً ، ثم قررت التزويغ مع هاني فضل للجلوس على المقهى فالرسميات زادت جداً ، وأصبحت خانقة نقعد ع القهوة براحتنا ، (هاني فضل : نسأل الأول المشاريب بكام لحسن يفتكرونا سواح) ، المهم كانت هينة جلسنا نتحدث عن أجندته الثقافية وعدنا لإبراهيم الفرن ليساعدنا في هذا الموضوع بخصوص أنشطة الأسكندرية الثقافية ، وتم تبادل أرقام التليفونات بينه وبين هاني فضل ، ليحين موعد العرض . ويدخل دكتور أحمد نوار بلا حرس أو تشريفات كعادته
3-العرض
الذي بدأ من قبل دخول الجمهور ، ولأول وهلة تنظر لخشبة المسرح تشاهد بيتاً زجاجياً عالي الأسوار ، ومن خلفه ترى الشارع وصندوق البريد الذي صنع بحيلة عبقرية من مهندس الديكور د/ صبحي السيد والمخرج الجميل جمال ياقوت ، موسيقى مرحة يلعب عليها بعض الأولاد وأجواء الكريسماس تحوط بالمكان وبهجة تنتقل إليك بمجرد النظر لا تملها أبداً ، كل هذا استعدادا لبدء العرض الفعلي ، وندخل للعرض الذي قدم وكان به جهداً كبيراً بدءا بعملية الدراماتورج التي قام بها المخرج وهي حذف إحدى الشخصيات وإختصار بعض المشاهد ليصل بنا لزمن قياسي للعرض وهو ستون دقيقة ، والجميل في الأمر أن النص لم يتأثر بهذا الاختصار الواعي والتكثيف الذي اعتمده المخرج المعد جمال ياقوت ، و كان ملفتاً طوال الوقت الإضاءة الموظفة توظيفاً درامياً وبدقة شديدة ومناسبة للحظات الدراما طوال العرض واستخدام الأبعاد التي صنعها مهندس الديكور صبحي السيد كانت موفقة جداً فلم يتورط المخرج في ديكور صنع بهذا الذكاء والإبداع ، وكان تعليقي بعد العرض مع د/ صبحي أن مهندسي الديكور الشطار إما يرفعوا من العرض بالتعاون مع المخرج أو يطيحوا بالمخرج ويورطوه فيما لا يستطيع تحريكه أو التعامل معه ، فابتسم بدماثة خلقه ولم يعلق على قصدي الشرير ، ثم نأتي للحركة والتي برع في إخراجها جمال ياقوت فهي مناسبة للشخصيات خصوصاً تلك الكروسات التي كانت تقطعها الشخصيات في لحظات الصراع ، وان كان دائماً ما يؤثر تحجيم حركة الشخصية إن كان موقفها يتسم بالقوة ويحرك الأضعف في سرعة وتوتر ، ولم يقم المخرج بفرد عضلاته على نص العرض الذي أعده ولم يبالغ في التحريك ، وإن كان يحافظ طوال الوقت على إيقاع مناسب لم يشعرني بأي ملل ، حتى في الحركات الراقصة التي أدتها الممثلة الرائعة إيمان إمام التي قامت بدور نورا ، كانت كافية تماماً وليس بها أي مبالغة وساعدتها الإضاءة كثيراً ، والإفيكتات الدالة على الحلم والتي كانت تتساقط مع رقصتها في الخلفية ، وممثلان رائعان أيضا أمامها ، واللذان أمسكا تماما بزمام الشخصيات وعبرا عنها في كل تطوراتها بحساسية شديدة ،وان كان أعجبني أكثر أداء الممثل الذي قدم شخصية عامل البنك فقد حافظ على الشخصية وأتقنها حتى في إيماءاتها  فكانت حركات اليد مناسبة لأصول الشخصية وعنفها فلم تكن حركة اليدين مفتعلة على الإطلاق وانما معبرة عن تلك البيئة الأقل ثقافة الاتي منها والتي تستخدم الأيدي أكثر لتوصيل المعنى المراد ، جهد رائع من الجميع وروح تدب على خشبة المسرح تعيد إحياء أرواح من فقدتهم تلك الخشبة ، مؤمن عبده ، سامية جمال ، ياسر ياسين ، كل الشكر لفريق عمل بيت الدمية العرض الرائع الذي شاهدته على مسرح قصر ثقافة الأنفوشي .
4- بعد العرض
مباشرة قفز أحد الأشخاص إلى خشبة المسرح ومعه ميكروفون ، فقلت شكلها ندوة ، ولكن كان تنويها بوجود د/ احمد نوار وكام كلمة شكر رسمي لم يهتم أحد بسماعهم فالرجل لا يحتاج لذلك التقديم ، ولا الجمهور يهتم إلا بما يقدم على الخشبة وليس بكواليسها .
5- العودة إلى القاهرة
أكثر من ثلاث ساعات في الباص وإرهاق السفر ، ولكن متعة العرض أنستنا ذلك الإرهاق ، ومن عاد من اللجنة يشيد بالعرض وجمالياته ، وأنه عرضاً يليق بتقديم صورة الثقافة الجماهيرية في مهرجان المسرح المصري ، وبالفعل تم الحديث مع دكتور محمود نسيم وأعلنت اللجنة عن عزمها لترشيح العرض في المهرجان فأخبرهم دكتور محمود أنه رشح العرض بالفعل للمهرجان القومي للمسرح المصري ، سعادة ودعم لفن جميل منحنا متعة للمشاهدة رغم ارهاق السفر وانتظار زوجتي التي انتظرت طوال الليل عودتي منتشياً بالعرض ، وان بدى عليها إستغراباً شديداً من هذا الإنتشاء رغم إرهاق السفر ، فقلت لها ده سحر المسرح ، فقالت لي يعني العرض عجبك قوي كده ؟
فلم أجب وأعطيتها بعض الصور لخشبة المسرح ، فقالت لي : هيه الثقافة بتصرف كويس كده ع العروض ؟ فضحكت وفي ذهني العذاب الذي يعانيه المخرج الجاد لمحاولته تحقيق ربع حلمه على الخشبة ، وتستيف الميزانيات والمشاريع وف الآخر بيصرفوا من جيبهم ، انهم مريدون للفن الحقيقي .
خالص مودتي
أحمدزيدان
 
                                  *********


جماعة تمرد للفنون
ــــــــــــــــــــــــــــ
يقام الان على مسرح قصر ثقافة الانفوشى العرض المسرحى ((بيت الدمية ))
تأليف / هنريك ابسن     واخراج / جمال ياقوت

وكعادة الفنان السكندرى الجميل جمال ياقوت فوجئ الحاضرين بعرضا رائعا شكلا ومضمونا وقد ابدع كالعادة ايضا الفنان د / صبحى السيد برؤيته التشكيليه الجذابه والمتناسقة مع دراما العرض أزداد العرض ابداعا بالفنان الصديق / احمد السعيد  و ايمان امام  ومجموعه الممثلين بالعرض والذين تعودنا منهم دائما ان نراهم مختلفين ومتميزين ..
فنجد ان كل عناصر العرض المسرحى بها شئ من التميز سواء الديكور او الدراما او التمثيل او الاضاءة او الموسيقى وهذا ان دل فانما يدل على ان هذا العمل يقوده مخرجا متميزا يعرف كيف يصنع عرضا مسرحيا متكاملا من الالف الى الياء وهذا نراه منذ اختياره لفريق العمل وحتى تطويع هذا الفريق لتقديم هذا العمل  ..
تهنئه وتحيه من القلب للفنان والاخ الاكبر / جمال ياقوت وكل فريق العمل لتقديمه رائعه أبسن ((بيت الدميه)) وامتاعنا بمسرح متميز ومختلف لم نره منذ فترة طويله ..
للكل كل الشكر ..؛؛ 



مع تحيات المركز الاعلامى للفرقه
مؤسس الفريق
محمد الطايع 

                                   ****************
المخرج السكندرى المبدع / جمال ياقوت
فى الحقيقة لقد ابدعت فى اخراجك للنص المسرحى ( بيت الدمية ) العرض الذى امتعنا على مدار 60 دقيقة بمسرح قصر ثقافة الانفوشى
احسنت فى ابداعك للاخراج بداية من البانفلت ( ذو الطابع الجديد ) حتى اكبر جزء فى العمل المسرحى
الف مبروك العرض يااستاذ جمال ياقوت وبالتوفيق ان شاء الله

                                                                       حازم مصطفى
                                   
                                      *************                                  
بعد مشاهدتي أحد البروفات النهائية لعرض مسرحية ( بيت دمية) أجزم أنكم
سوف ترون عرضا مسرحيا لم تألفوه في الثقافة الجماهيرية و لم تروه في
المسرح الاحترافي .
العرض ينم عن موهبة حقيقية لدي الفنان الكبير المتواضع دائما ( جمال
ياقوت ) الذي أعتز بصداقته كانسان و كفنان , كما أنه يحمل حبا للمسرح فاق
كل شيء . و هذا ما دفعني اليوم الى كتابة هذه الكلمة ليس اطراء و انما هي
كلمة حق لفنان يستحق الكثير ... و هي دعوة لمشاهدة رائعة ابسن ( بيت دمية
من اخراج سيد درويش المسرح جمال ياقوت


الشاهد
د. عصام الدين أبوالعلا



                                بيت دمية يهز الأسكندرية

في احتفالية غير مسبوقة تم عرض مسرحية ( بيت دمية ) للكاتب النرويجي
هنريك ابسن ,و ديكور الفنان صبحي السيد , و اخراج الفنان القدير جمال
ياقوت .حيث حضر الحفل الدكتور أحمد نوار رئيس الهيئة العامة لقصور
الثقافة و لفيف من كبار النقاد و الصحفيين ' كما حضر الحفل أيضا الجمهور
السكندري العاشق للفنون بكثافة لم تحدث في مسرح مصري من قبل .
كشف العرض عن فهم المخرج الواعي بخيوط المسرحية الدرامية , حيث قام
بعمله كدراماتورج بحذف كل ما يمت بصلة لشخصية رانك مما جعل المسرحية
أكثر تماسكا و وضوحا . كما كشفت الحركة الاخراجية عن وعي المخرج بدوافع
الشخصيات في سياق الفعل الدرامي , كما لعب تضافر عناصر العرض في في
توصيل رؤيته الجمالية و الفكرية بوضوح حتي أن المتفرج العادي وصلته
الجملة الفكرية بوضوح و استمتع ايضا بالشكل الجمالي المقدم . كانت
السينوجرافيا ايضا للفنان صبحي السيد معبرة و خادمة للفكرة الكلية
للعرض كما خدمت الحركة الاخراجية.
و قد برز من الممثلين الفنانة الجميلة ايمان امام التي لعبت دور نورا
بطلة المسرحية , استطاعت ان تعبر عن كل خلجة من خلجات نورا في كل لحظة
درامية ببراعة .
ألف مبروك للأسكندرية لوجود الفنان جمال ياقوت فيها و نأمل منه هذا
الفن الجميل في الأيام المقبلة ...

                                                     د. عصام الدين أبوالعلا
                                **********
أخرجها جمال ياقوت و عرضت بالإسكندرية .... و ننتظرها في القاهرة
" بيت الدمية " .. نموذج لمسرح المرأة الحقيقى

        " بيت دمية " كتبها الرجل " هنريك إبسن " فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر ، وأخرجها مؤخراً الرجل جمال ياقوت على مسرح الأنفوشى بالإسكندرية ... إذن لماذا نصفها نحن بــ "مسرح المرأة " ؟!
الإجابة عن هذا السؤال تعيدنا إلى السؤال القديم المتجدد " ما مسرح المرأة " أو بالأعم " ما الذى يعنيه إبداع المرأة ؟" هل هو كل إبداع تقوم به إمرأة ، بغض النظر عن فحوى هذا الإبداع ، مع المرأة و قضاياها أم ضدها ؟ أم أنه كل إبداع يناصر قضايا المرأة بصرف النظر عن جنس مبدعه "رجلا كان أو إمرأة " ؟!
المنطق و تاريخ الإبداع ينتصران للإجابة الثانية ، فكم من النساء أسهم إبداعهن فى ترسيخ ما هو كائن ، و كم أكد مقولات رجعية ظلت طوال قرون لا ترى فى المرأة سوى جسد مهمته الأولى والأخيرة هو خدمة السيد " الرجل "
و دون الدخول فى تفاصيل كثيرة تكفينا الإشارة إلى أفلام " المرأة " إيناس الدغيدى ، لنرى كيف تنظر هى إلى بنات جنسها ، و كيف ترسخ مفاهيم " الضلع الأعوج " و " الكيد العظيم " و "ضل الرجل ولا ضل حيطة " و غيرها من مقولات رجعية تتزين بعرى و سفور و مشاهد ساخنة لا يجرؤ عليها  أكثر الرجال تخلفا ؟!

      قضية المرأة إذن ليست هى الحرية الجنسية ، كما يقف عندها آل " الفيمنست " الجدد و إنما هى قضية إجتماعية أولاً و أخيراً .. قضية الصراع فيها ليس مع الرجل و إنما مع المجتمع الذى تقيد مفاهيمه المغلوطة كلا من طرفيه " الرجل و المرأة " .. الصراع ليس من أجل الفوز " رجل أو إمرأة " لكنه صراع بين الرجل و المرأة فى جانب و سلطة مجتمع غاشم فى جانب آخر .
لهذا و لغيره وصفنا مسرحية بيت الدمية لهنيريك إبسن بأنها مسرحية إمرأة ووصفنا العرض الأخير لها على خشبة قصر ثقافة الأنفوشى و الذى أخرجه جمال ياقوت بـ "نموذج لمسرح المرأة " ردا على عنوان مهرجان كان قد أقيم منذ أسابيع تحت عنوان بائس هو " مهرجان مسرح المرأة " و عرضت خلاله مجموعة مسرحيات لمخرجات تناقضت فى رؤية كل منهن لمعنى و خصوصية "قضايا المرأة "

      فى عرض جمال ياقوت الذى اعتمد على نص له من الشهرة و الذيوع ما جعل البعض منا – نحن مشاهدى العرض – يتساءل كيف سيقدم هذا النص الآن ؟ و أى جديد يمكن طرحه بعد أكثر من قرن ؟ فاجأنا المخرج برؤية تتسق و ما يعانية مجتمعنا الآن ، من مرض أصاب حياتنا الإجتماعية و الثقافية و السياسية لسنوات طويلة و هو مرض " الشيزوفرينيا" أو الإنفصام الذى يتجسد فى ذلك التناقض الواضح بين الفعل و القول !
فى رؤية جمال ياقوت لم يكن الصراع بين نورا كإمرأة و بين هيلمر الرجل الزوج بقدر ما كان بين نورا الإنسان و هيلمر المجتمع الذى يحيا على تقاليد يحاصرنا بها طوال الوقت باعتبارها قيما نبيلة بينما هى فى حقيقته اقناعا يتخفى وراءه من بيدهم الأمر ، ليسيرون الحياة وفق هواهم الخاص ، فإذا ما تناقضت هذه القيم مع مشروعية وجودهم كان عليهم أن يحطموها و يحطمونا معها ليبقوا هم و كان شيئاً لم يكن .

    و هكذا اتسق هذه الرؤية مع التشكيل الذى أبدعه الفنان صبحى السيد الذى فسر منزل نورا وهيلمر باعتباره قفصاً زجاجياً يقترب فى تكوينه من أقفاص الحيوانات الأليفة ، فهو قفص جميل لكنه فى النهاية قفص ،يغلف ببرودة تشيعها ألوان الحوائط الخشبية و شفافية البلاستيك المتقاطع معها ، و تؤكدها إضاءة غائمة طوال الوقت ، تثير فى المتفرج إحساساً بأن خلف هذا السطح الساكن بركانا على وشك الثورة .
ولأن نص إبسن المعتمد على حوار تلغرافى يشتهر به يصعب الحذف منه أو الإضافة عليه ، فاجأنا جمال ياقوت فى رؤيته الجديدة بنجاحه فى أن يحذف شخصية كاملة من النص و بعض جمل حوارية لبقية الشخصيات ليبقى على رؤيته الخاصة التى أحالت قضية نورا إلى قضية إنسانية عامة ، لذلك فحين اصطدمت نورا فى نهاية المسرحية بمنطق زوجها الزائف ، خرجت من المنزل دون أن تصفع وراءها الباب فى عنف اشتهرت به مسرحية ابسن لكنها تركت الباب مفتوحا بينما نحن نراها عبر الخلفية الزجاجية تذوب فى المدينة ، فى دلالة و إشارة إلى ضرورة أن ينفتح لا أن يغلق باب هذا القفص " المجتمع " لنخرج منه جميعاً إلى حيث الوضوح كما فعلت نورا " الإنسان"
و فى إطار هذه الرؤية كانت الممثلة إيمان إمام فى دور نورا هى الأكثر إتساقا حيث نجحت فى الإنتقال من شخصية المحبة الساذجة إلى المرأة الناضجة ببراعة أكدت إمتلاكها موهبة ووعياً بأبعاد الشخصية التى تلعبها ، فى المقابل جاء السعيد قابيل فى دور هيلمر يحتاج إلى نقاش أوسع من قبل المخرج ليقف به على معنى ما يمثله هيلمر من تجسيد لتناقض هذا المجتمع المريض الذى نحياه و هو النقاش الذى سيفتح له المجال أكثر لإبراز قدراته كممثل و هى قدرات ظهرت بوادرها فى بعض المشاهد  .
أما أكثر الممثلين  الذين يحتاجون إلى إعادة تقييم كامل هو أحمد السعيد الذى قام بدور كروجشتاد فقد قدمه من فهم خاطئ باعتباره شريراً و هو ليس كذلك كما أن الشضر الذى قدمه السعيد شر لا يليق بشخصية كروجشتاد  بقدر ما يليق ببلطجى يحيا فى عشوائيات مصر !

   ومع كل هذه الملاحظات يبقى لعرض بيت الدمية جماله الخاص الذى يليق باستمرار عرضه وانتقاله على اكثر من مسرح و هو الأمر الذى اتفق فيه معنا د. أحمد نوار رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة ووعدنا ووعد أصحاب العرض بالسعى من أجل عرضه على أحد مسارح القاهرة ... نرجو أن ينجح
                                                                                    
                                                                         محمد الروبى
                                جريدة الكرامة 4/7/2006
                                 *********
الليلة و حتى الخميس القادم
" بيت الدمية " .. فى قصر الأنفوشى

يحتفل العالم هذه الأيام بمرور مائة عام على رحيل الكاتب المسرحى العالمى النرويجى الأصل "هنريك إبسن" و قد إختار المخرج  و الكاتب جمال ياقوت رائعة إبسن " بيت الدمية" ليقدمها من خلال فرقة قصر التذوق بسيدى جابر .... و بعد مررو ثلاثة أشهر من البروفات يبدأ جمال ياقوت عرض مسرحيته الليلة و حتى الخميس القادم على مسرح قصر الأنفوشى بالإسكندرية .. المسرحية رؤية تشكيلية لصبحى السيد ، كريوجراف محمد فؤاد ، إعداد موسيقى محمد حسنى تمثيل إيمان إمام ، السعيد قابيل ، محمد العمروسى ،  ياسمين سعيد ، هبة محمد و الأطفال : إنجى الخشاب ، عصام محمد ، هاميس أمين ، دراماتورج و إخراج / جمال ياقوت ...
المعروف أن هذه المسرحية قدمت لأول مرة فى كوبنهاجن عاصمة الدانمارك عام 1879 و احدثت دوياً هائلاً تردد صداه فى جميع أنحاء أوروبا ، و كان له أثر و رد فعل بالغان ، و هى المسرحية التى جلبت الشهرة لهنريك إبسن و جعلت منه كاتباً مسرحياً عالمياً ، كما اعتبرها النقاد نقطة تحول خطيرة فى كتابة المسرحية الحديثة .

يسرى حسان
جريدة المساء العدد17954
بتاريخ 26/6/2006

                             
                                                                        *********************                                                         

بيت الدمية .. كم أنت جميل .. !

سعيد أنت يا من تتاح لك فرصة مشاهدة عرض قصر التذوق الفنى بسيدى جابر- الإسكندرية الذى يخرجه القدير جمال ياقوت ، سعيد أنت يا من دخلت بيت الدمية لهنريك إبسن الذى صاغ مشهده و صمم أزياؤه الفنان صبحى السيد ، سعيد أنت يا من تفاعلت مع طاقم تمثيل مكون من إيمان إمام فى دور نور و أحمد السعيد فى دور كروجشتاد ، عايشت دقة تنفيذ و إحكام الصنعة من يد الحرفى المتميز إبراهيم الفرن .

         نغم لقد غمرتنى المتعة و ملأتنى الدهشة ، و ما أجملها و أنا أشاهد" نورا " إبسن وياقوت و صبحى السيد .. إنها البساطة العميقة و الدقة فى التوازن و الرصانه فى الجمال و قيم التشكيل الراقية .. يا أيها العرض " بيت الدمية " كم أنت جميل ؟!

         ضبط ياقوت النص الأصلى وفق مقتضيات فنه بأن حذف دور الدكتور " رانك " لتخفيف الثقل والميل الميلودرامى و إحداث تكثيف درامى أكبر ، و إن رأى البعض – و أنا لا أوافقه – أنه أحدث خفة فى العمل .. و شاهدت علي مدي ساعة فقط قصيد بصري شكله صبحي السيد الذي صاغ بيت الدمية من الخشب و الزجاج فجعلنا نراه في الداخل و الخارج في الوقت ذاته وبين لنا كم هو كبير و عظيم و كم هو مدهش سهل الكسر والتحطيم في الوقت نفسه، كذلك وظف جزء صندوق البريد في بساطة و دقة لما له من أهمية درامية و جعل الخلفية تبدو كواقع خيالي تحفة رومانسية تخفف من وطأة حصار نورا في عالم يرفض تحققها بل وجودها كإنسان حي له الحق في أن يكون..!حيث شاهدنا البنايات البعيدة المضاءة ليلاً و سقوط الجليد في الليل البارد الموحش و كم تميزت حركة ياقوت بشكل رشيق انيق معبر عن مقاصد النص الاصلي بمنتهي الدقة حتي عندما اطلق لخياله العنان في مشهد رقصة نورا امام صندوق الخطابات كانت تعبيراً حركياً اصيلاً عن دخيلة نفس بريئة تحاصرها ظروف مذنبة..! و كان اختيار الموسيقي التي صاغها الفنان محمد حسني بالغة الدقة في التعبير  عن الحساسيات المختلفة  للمواقف و عما يعتلج في صدور الشخصيات المعتركة في ثنايا هذه المواقف، وفي اطار رسم المشهد ديناميكياً (حركة الممثل) كان الكريوجراف محمد فؤاد شديد الحساسية و معبراً عن اهداف فريق المبدعين من زملائه بدون اي تزيد أو استعراض.

       و لشد ما أعجبني تناول المخرج البارع جمال ياقوت في ختام العرض حيث جعل نورا تترك باب بيتها مفتوحاً أو موارباً و لا تصفقه في وجهه..أو وجه أوربا كما فعلت أول نورا و إن كان إبسن ذاته تحت ضغط النقد قد عدل هذه النهاية و جعل نورا تعود إلي البيت لتربية أولادها .. وأعتقد أن عمله الحقيقي كان اغلاق الباب في اشارة إلي الخروج من عالم هذا البيت بكل ما يمثله و الرغبة في التحرر بالالتقاء بعالم آخر أكثر منطقية وحقيقية، ولكن ياقوت عندما ترك الباب موارباً كان إنما يشير إلي تغير الظروف و العالم من حوله (نورا  2006) و التي تجعلها تقوم –ومعها الحق- بهذا الموقف الذي لا يخلو من عملية عقلانية.

      الثقافة الذي حضر افتتاح العرض و جميل من الهيئة أن تحتفل بمئوية إبسن و لعلها تكون فاتحة خير في المواجهة الحقيقية لحالة التيبس و الرفض و اليأس و الهلع التي اجتاحت – ولا تزال – لبعض المسئولين التنفيذيين كجزء من تداعيات حادث بني سويف المشئوم.
        
                                                                                محمد زهدي
                                                                       جريدة الغد –5/7/2006
   
                                                                  ***********************

من الطبيعي جدا عندما تعرف أن هناك مخرجا ما في مكان ما ينوي أن يعلن الحرب على الفروق الجوهرية بين فواصل الزمن ومساحات الإختلاف بين قارة و قارة و مدينة إلى أخرى و عادات و تقاليد عن عادات و تقاليد أقول أنه أمر طبيعي عندما تعرف أن هناك مخرجا بهذا الوصف أن تثور في نفسك رغبة بشكل أو بآخر إلى الإلتقاء بمثل هذه الشخصية خاصة إذا كانت المغامرة المعنية تتجه نحو نص مسرحي تحبه بل و لقد درسته دراسة أكاديمية في دراستك السابقة بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية وهذا النص هو بيت الدمية الذي ألفه النرويجي هنريك إبسن “ Henrik Ibsen"
وصلتنى دعوة على البريد الإليكتروني الخاص بي على الإنترنت من المخرج جمال ياقوت مفادها أن هناك تجربة لعرض بيت الدمية على مسرح " ليسيه الحرية بالشاطبي " في مدينة الإسكندرية في ليلة السبت الموافق 24/6/2006 و بينما أنا أحزم
أمتعتي إستعدادا للسفر إلى الإسكندرية جالت بخاطري تساؤلات عديده حول عرض بيت الدمية .. لماذا بيت الدمية سنة 2006 بعد أن كتبها هنريك إبسن منذ فترة تربو على المئة عام
لا أذكر التاريخ تحديداً- و كيف له أن يتخلص من المونولوجات الطويلة الكئيبة التى كانت تمثل أحد عيوب إبسن في كتابته للمسرح ؟ بل و كيف سيتمكن من الخروج من المنظور الضيق الذي كتب به إبسن هذا النص ليضفى رؤيته العصرية على العرض ؟
و لقد وفرت على نفسي عناء البحث عن إجابات لهذه الأسئلة إلى أن أحضر العرض بنفسي و أحكم على التجربة من واقع تعاملي معها . و في ليلة الجمعة الموافقه 23/6/2006 وصلني خبر عاجل على الريد الأليكتروني يقضي بأن العرض قد تم تأجيله إلى يوم الأثنين الموافق 26/6/2006 و تغير مكان العرض ليصبح على مسرح قصر ثقافة الأنفوشي بدلا من ليسيه الحرية . و بدأت في التعامل مع الصدمة بأن أرسلت إلى أ/ جمال ياقوت طلباً يقضي برغبتي في حضور أحد البروفات الجنرال و أرسلت مع طلبي رقم هاتفي المحمول ووصلني الرد بأسرع مما توقعت حيث إتصل بي المخرج جمال ياقوت عند منتصف نفس الليله و قام بدعوتي لحضور بروفا في اليوم التالي .
 و بسبب بعض المشاكل المتعلقة بالسكن و خلافه قمت بتأجيل الذهاب إلى مسرح ثقافة الأنفوشي ليوم الأحد الموافق 25/6/2006 قبل العرض بيوم واحد و عندما وصلت إلى المسرح و بدأت في إلتقاط أنفاسي بعد عناء الطريق من المعمورة إلى الأنفوشي حوالي ساعة و ربع بالميكروباص فاجئني د. صبحي السيد كعادته بشكل الديكور الذي جاء معبراً عن بيت الدمية بشكل غريب فالبانوهات الطويله و الثابته بطول العرض مفرغة تنسد فراغاتها بمشمع شفاف ليصنع مساحة أخرى في خلفية المسرح تظهر فيها بيوت أخرى لدمى أخرى كما أظهر لنا الشكل العام و لتتيح لنا مساحة من النظر حتى نرى ما يحدث خارج البيت بين الخادمة و بين "نيلز " الدائن أحياناً و بين الخادمة و " كرستين "  صديقة نورا أحياناً أخرى بل و حتى بين نورا و نفسها في لححظات أحلامها الخاصة و طموحاتها الشخصية مشهد تمزيق الخطاب و كذلك أتت فراغات المشمع لتكشف لنا عن جزء آخر من بيت الدمية و هو مكتب "دولفاند " الزوج المنمق جداً و الذي يحب أن يعلق نياشينه و أشياءه الخاصه بشكل يتيح لنا رؤية ذلك - حتى في ظل عدم وجود هذه النياشين الزائفه و بشكل آخر و في ظل تعدد الآراء و إختلاف و جهات النظر فهم بعض الحضور شكل جدران المنزل بشكل آخر ، فلقد سمعت تعليقاً يأتي من أحد المتلقين الجالسين ورائي يقول بأن هذه الجدران عبرت عن شكل "الشبكه " من وجهة نظره ، و هو تبرير إلى حد ما منطقي بالنظر إلى واقع "نورا " بطلة العرض المخيف و المليئ بالديون ، و لكن هل هذا ما كان يقصده جمال ياقوت و صبحي السيد من شكل الديكور ؟
 أما عن الإضاءة التي كان لها أكبر الأثر في عكس الحالة النفسية لنورا كما وردت في الرواية الأصلية فقد كانت تتراوح بين الأحمر و الأزرق الخفيف و الأصفر و البرتقالي الساطع و هي ألوان نجد فيها روحج التجانس و قوة التعبير . و لقد نجح المخرج في تضفيرها بمنتهى البراعة و الحرفية مع أداء الممثلين الذي كان لا غبار عليه إلا من بعض الجمل التى سقطت مني سهواً ربما بسبب إنخفاض صوت الممثل الذي لعب دور الزوج دولفاند " محمد العمروسي " أو ربما بسبب ضعف تقنيات الصوت في المسرح .
 وفي إطار أداء الممثلين لا يمكنني مطلقاً أن أهمل براعتهم في نطق اللغة العربية الفصحى ، فبطول العرض تقريباً لم أضع يدي على خطأ نحوي واحد أو تركيبة لغوية غير معبرة ، و هنا تظهر لنا روح الفريق في الإعداد لهذا العمل الصعب الذي أوجب عليهم الإستماع إلى العديد من النصائح أثناء بروفات القراءة ، و كذلك فإن تعامل الممثلين مع الفصحى بإحترام بالغ أوجب علينا إحترامهم و الإقتراب منهم فلم نحس مطلقاً بفارق شاسع بين اللغة التي يتحدثون بها على الخشبة و بين اللهجة التي كنا نتحدث بها في الصالة من مقاعد المتفرجين .
 أما عن البطلة نورا / إيمان فقد بدا لنا منذ أول لحظة إجتهاد هذه الممثلة في مذاكرة الدور و تمكنها البارع في إحتواء شخصية نورا رغم صعوبة ذلك نظراً لما تموج به نورا من إنفعالات و عواطف و أحاسيس غامضه و مبهمه و أحياناً أخرى مشاعر طفولية و أخيراً قلب معالم الواقع و التعامل في إطار العرض كإمرأة ناضجة لها عقل مفكر واعي .
 و أقول في حق كرستين صديقة نورا- أنها ممثلة جيده غير أني لم أفهم لم تنقل هي (أكرر هي ) إنفعالات دور كرستين بوجهها الذي ظل صامتاً بطول العرض مما جعلني أعتمد على جملها الحوارية للتواصل مع العرض و التمسك بالحالة ، فكرستين هي الأنثى اليائسة و التي أبعدتها الحياة عن حبيبها " نيلز " وذهبت نحو رجل لا تحبهمن أجل نزوة المال ، و لم أرَ تعبير اليأس على وجهها ، و لا حتى تعبير الفرح عند عودتها إلى نيلز كونتشتاد و إتفاقهما على البدء من جديد و النظر إلى المستقبل و إعادة بناء حياتهما معاً مرة أخرى .
 و يأخذنا هنا الحديث نحو نيلز كونتشتاد الدائن و الموظف الصغير الذي راح يبحث عن فرصة جديد لتطهير حياته بعد أن لوثها رغما عنه بدافع جمع المال من خلال إرتكابه جريمة تزوير في بعض الأوراق الرسمية . فقد جاء أداء الممثل متماشياً مع روح الشخصية و تمكن من إقناعي بدوره بمنتهى البراعة و هو على عكس كرستين ظل وجهه يموج بالإنفعالات و التعبير الصامت عن الغضب و الأرق و اليأس و الخوف و الفرح .
 و في ظل كل ما سبق من تقنيات إخراجية لا يمكننا إسقاط دور الإعداد الموسيقي {mixage } الذي جاءت أنغامه متنوعه بين الموسيقى الغربية و الشرقية لتعبر عن حالة نورا النفسية و تؤكد أن هناك منطقة ما يلتقي عندها الغرب و الشرق رغم الفروق المعنوية و المادية و إختلاف الحضارات و تباين اللغات
 و أخيراً أقول .. لقد نجح جمال ياقوت في كبح جماح تساؤلاتي العديده و تمكن ببراعته كمخرج من تلجيم حبال المشنقة التى كنت أعدها  من أجله بينما أنا في الطريق إليه على إختياره لهذا النص تحديداً فرؤيته لواقع دراما النص جاء مسايراً للدراما العصرية و لم يجعلني أحس بأن هناك فرقاً شاسعاً بين ما كان يقصده هنريك إبسن و ما قصده جمال ياقوت غير أن رؤيتي لمخرج متمكن مثل جمال ياقوت قام في العام الماضي بإخراج "مس جولي " من تأليف سترندبرج -  و هذا العام بيت الدمية يجعلني أسأل نفسي .. ترى ما هي التجربة القادمة لجمال ياقوت ..؟ و الإجابة هنا متروكة للمخرج نفسه.
 أعجبني العرض كثيراً و سأكون عند وعدي مع جمال ياقوت بأنني لن أفوت التجربة القادمة دون متابعتها .


                                                          محمد عبد الصبور
                                                                                     إسكندرية     
                                                                26/6/2006


                                عودة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق